عندما يقرر احد الزوجين او لسبب من الأسباب إنهاء الرابطة الزوجية بينهما فإن هذا القرار يجب أن يكتسي الصبغة القانونية حتى يصبح فاعلا و تطبق آثاره تبعا لذلك على كلا الطرفين . و من المعلوم ان الطلاق في تونس لا يتم إلا بحكم قضائي وذلك طبقا للفصل 31 من مجلة الاحوال الشخصية ، غير انه على خلاف قضايا أخرى فإن إنابة محام في الطور الابتدائي من القضية غير وجوبي و تصبح فقط وجوبية الا في محكمتي الاستئناف و التعقيب. و تنقسم إجراءات التقاضي في قضية الطلاق إلى ثلاثة مراحل:
مرحلة الإجراءات الأوّليّة: الإستدعاء
في هذه المرحلة يكلف أحد الزوجين المطالب بالطلاق عدل منفذ ليقوم هذا الأخير باستدعاء المدعى عليه ليمثل أمام قاضي الاسرة المنتصب في المحكمة التي يقع بدائرتها مقر المطلوب طبقا للفصل 69 من مجلة المرافعات المدنية والتجارية . كيف يمكن التأكد من وصول الاستدعاء للشخص المطلوب ؟ يقوم العدل المنفذ بعدة محاولات في حدود اختصاصه و ما يضبطه القانون لإيصال الاستدعاء للمدعى عليه او القرين المطلوب و يكون ذلك بطرق مختلفة :
اولها :
– إما بصفة شخصية إذا وجده بمقرّه وتحقّق من هويّته وسلّمه الاستدعاء مباشرة
ثانيا :
أو بصفة قانونيّة إذا لم يجد العدل المنفّذ القرين المطلوب بمقرّه ووجد قريبا أو معينا منزليا مساكنا له تسلّم الاستدعاء نيابة عنه مع الالتزام بتبليغه له
ثالثا :
بصفة قانونيّة إذا لم يجد العدل المنفّذ القرين المطلوب بمقرّه ولا أيّ شخص آخر مساكن له. عندئذ يضع له نسخة من الاستدعاء تحت الباب وأصله بمركز الأمن الأقرب لمقرّه ويوجّه له استدعاء بواسطة مكتوب مضمون الوصول مع الإعلام بالبلوغ. وقد نص الفصل 32 مكرر من مجلة الاحوال الشخصية ان أي تلاعب او تحايل من احد الزوجين بغاية عدم تمكن الطرف الآخر من حصوله او تبليغه بالاستدعاء فإنه يعرض نفسه لعقوبة سجنية لمدة سنة و تفاديا لإمكانية صدور حكم طلاق غيابي فإن المشرع التونسي يحث المحكمة المختصة على اعتماد الاستدعاء بصفة شخصية و إذا لم يحضر القرين المدّعى عليه ولم يبلغ الاستدعاء لشخصه يؤجّل قاضي الأسرة النّظر في القضيّة ويستعين في ذلك بمن تتوفر فيه الصفة القانونية للقيام به مثل كاتب المحكمة، عون أمن، عدل منفّذ… لاستدعاء المعني بالأمر شخصيّا أو لمعرفة مقرّه الحقيقي واستدعائه منه. ويمكن أن تتكرّر المحاولة أكثر من مرّة حتّى يحضر القرين المدّعى عليه لدى قاضي الأسرة ووجب التذكير أن أجل تبليغ الاستدعاء للقرين المطلوب لا يقل عن 21 يوما قبل تاريخ الجلسة المعينة لها القضية. ويقع التمديد في هذا الأجل إلى 60 يوما إذا كان القرين المطلوب يقطن خارج التراب التونسي
مرحلة المحاولة الصلحيّة
تفاديا للآثار الاجتماعية والأسرية والنفسية المترتبة عن الطلاق، فإن المشرع التونسي أوجب على القاضي الاجتهاد في الصلح بين الزوجين، و يقع هذا الصلح بمكتب القاضي داخل مقر المحكمة في تاريخ يحدده مسبقا و يكون مضمنا في الاستدعاء . وتجري المحاولة الصلحيّة على ثلاث مرّات عند وجود طفل قاصر و جلسة واحدة في صورة الطلاق بالتراضي . وحتى في صورة فشل المحاولات الصلحية يجب على القاضي ان يتخذ جميع القرارات الفورية فيما يخص النفقة والحضانة و السكن وهي قرارات لا يمكن استئنافها او تعقيبها و لكنها قابلة للمراجعة من قبل قاضي الأسرة ما لم يصدر بعد الحكم في الأصل . مع العلم أن امكانية الصلح تبقى مفتوحة خلال كامل أطوار التقاضي وهي لا تنتهي بمجرد صدور الحكم الابتدائي في محاولة مستميتة من المشرع للحفاظ قدر الإمكان على كيان الأسرة.
مرحلة الحكم
تقضي المحكمة الابتدائية في دعوى الطلاق بعد فترة تأمل تدوم شهرين قبل طور المرافعة و تقضي كذلك في كل ما يتعلق بآثار الطلاق من حضانة و حق زيارة و نفقة و غرامات التعويض الخ مع العلم أن حكم الطلاق قابل للطعن استئنافيا و تعقيبيا مثل كل الأحكام الصادرة عن القضاء المدني حسب مقتضيات المشرع التونسي مع العلم ان الاستئناف أو التعقيب لا يوقفان تنفيذ تلك الأحكام نظرا لصبغتها المعاشية والحياتية بالنسبة للزوجين والأبناء و عموما يمر الزوجين بمختلف هذه المراحل ولكنها تختلف أحكامها من شخص الى شخص فيما يخص آثارها نظرا لاختلاف وضعيتهم المالية و الاجتماعية النفسية ويختلف مقدار النفقة طبقا لمدخول من تجب عليه النفقة و تختلف الأحكام في صورة وجود أو غياب اطفال او في صورة اطفال قصر وتختلف كذلك مبالغ التعويضات كل حسب الضرر الحاصل.